version française ilboursa

ارتفاع أسعار النفط يربك ميزانية تونس وتحيل على تواصل تعديل أسعار المحروقات

تواجه الحكومة التونسيّة تحديا جديدا مع تجاوز أسعار النفط عتبة الستين دولارا للبرميل وهو ما يضاعف الضغط مبكّرا على الميزانية لهذا العام ويقلص من هامش التحرك لتنفيذ الأهداف المرسومة لهذه السنة لا سيما تلك المتعلقة بالتنمية والاستثمار العمومي.

وارتفع سعر برميل النفط عالميا بنسبة 1.26 % ليسجّل لأول مرة منذ بداية العام سعر 60.19 دولارا بسبب ارتفاع الطلب في الأسواق وسط زخم إطلاق اللقاحات، وانخفاض سرعة انتشار العدوى بفيروس كورونا والاستعداد لاستئناف النشاط الاقتصادي العالمي، فضلا عن قرار أعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" والدول من خارجها "أوبك+" تخفيض معدل الإنتاج بنسبة 7.125 ملايين برميل يومياً في شهر فيفري، وبمعدل 7.05 ملايين برميل في مارس 2021.

وبنت تونس في ميزانية العام الحالي فرضية نسبة نمو ب4.8 بالمائة و اعتماد أسعر برميل النفط (البرنت) بسعر مرجعيّ قدره 45 دولارا للبرميل وهوما يعني أنّ الحكومة التونسيّة ستضطر إلى تقليص من موارد التنمية أو نفقات التصرف في ظل محدودية خياراتها.

وفي بداية الشهر الحالي، رفعت الحكومة التونسية أسعار الوقود بنحو 2%، وهي أول زيادة منذ عامين، في مسعى لكبح عجز في الميزانية والاستجابة لمطالب المقرضين الدوليين بإجراء إصلاحات.

وقلّصت تونس أسعار الوقود ثلاث مرات في العام الماضي، مستفيدة من تهاوي أسعار النفط في السوق العالمية مستندة في ذلك الى الية التعديل الالي لأسعار النفط

ورجح خبراء اقتصاد تحدثوا لموقع " البورصة "ارتفاع موارد دعم الوقود سترتفع بنسب كبيرة بسبب قراءة متسرّعة لنسق ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية.

وصرح الخبير في استراتيجيات التنمية، هيثم القاسمي، أن ارتفاع أسعار النفط سيؤثر على الاستقرار الاجتماعي لأن الحكومة ستضطر على الأرجح الى رفع أسعار الوقود كي لا تنهك موازناتها المالية وهو ما سينعكس سلبا على القدرة الشرائية للمواطنين.

وأوضح القاسمي، في تصريح لموقع "البورصة"، أن تغير أسعار النفط سيجعل الحكومة التونسية مجبرة على توجيه مخصصات الدعم المتأتية أساسا من الضرائب للحد من التقلبات الاقتصادية بدل توظيفها لحماية الفئات الهشة وتعزيز استدامة القطاعات الحيوية.

وأضاف أن انتعاش أسواق النفط أثبت محدودية النظرة الاستشرافية لخبراء وزارة المالية الذين لم يحسنوا تقدير تطور الأسعار وهو ما سيعجل بإعداد ميزانية تكميلية لتلافي هذه الأخطاء.

ويضغط صندوق النقد الدولي على تونس لخفض العجز في موازنتها وزيادة أسعار الوقود والكهرباء لتعويض الارتفاع في أسعار النفط.

و تظهر الأرقام أن الحكومة التونسية رفعت أسعار الوقود بنحو 24% منذ إبرام اتفاق مع صندوق النقد في 2016 لتنفيذ برنامج اقتصادي، يتضمن تقليص الدعم وترشيد الإنفاق مقابل قرض بقيمة 2.98 مليار دولار يصرف على مدى أربع سنوات. 

و أشارت بيانات رسمية لوزارة الطاقة إلى أن  زيادة بدولار واحد في سعر البرميل عن السعر المرجعيّ  تؤدي إلى زيادة في نفقات الدعم بقيمة 41.6 مليون دولار (حوالي 112 مليون دينار.) 

وحذّر صندوق النقد الدولي هذا الشهر من أن عجز تونس المالي قد يتجاوز 9 % من الناتج المحلي الإجمالي إذا لم تطبق الحكومة إصلاحات ضرورية منها السيطرة على دعم الطاقة.

و تعاني تونس ، التي يعتبرها كثيرون النموذج الأنجح للربيع العربي ، من مصاعب اقتصادية غير مسبوقة، إذ بلغ العجز المالي 11.5 % من الناتج المحلي الإجمالي في 2020، وهو أعلى مستوى في قرابة أربع عقود.

أشرف الشيباني

تم النشر في 25/02/2021