تواجه تونس خطرا كبيرا في الأشهر القادمة يتمثل في إمكانية تآكل مخزونها من الاحتياطي من العملة الأجنبية بسبب الضائقة المالية التي تعرفها بسبب تعطل جل مصادر موارد العملة وحلول موعد سداد عدد من القروض في الأشهر الثلاثة المقبلة ما يقلص من هامش التحرك لمواصلة التزود لاقتناء الادوية والحبوب والمحروقات.
وفي حال عدم استئناف الأنشطة الحيوية على غرار استئناف تصدير الفسفاط وعودة النشاط السياحي واستعادة نسق التصدير وهي المصادر الأساسية لتزويد تونس بالعملة الصعبة، فان الوضعية ستزداد سوءا ما يعقد الوضعية المالية لتونس التي ستظل رهينة الاقتراض الخارجي.
وتقلص احتياطي تونس من الموجودات الصافية من العملات الأجنبية (الدولار واليورو) بين يومي 6 و7 ماي الجاري من هذه السنة بثماني أيام وذلك بسبب سداد تونس لقرض قطري بقيمة 500 مليون دينار اي 185 مليون دولار حل موعد سداده.
وهبط بذلك عدد أيام التوريد من 140 يوما الى 132 يوما في ظرف يوم واحد ليبلغ احتياطي تونس من العملات الأجنبية الى غاية السابع من مايو 2021 حوالي 7.7 مليار دولار مقابل 7 مليار و885 مليون دولار بحسب بيانات البنك المركزي التونسي يوم 6 ماي الجاري.
وباستثناء صادرات زيت الزيتون والتمور فان بقية القطاعات الحيوية على غرار صناعة النسيج وانشطة استخراج الفسفاط وتحويله وتواضع انتاج النفط تعرف شللا كبيرا منذ حوالي عقد من الزمن بسبب الاضطرابات الاجتماعية وتنامي الإضرابات والاعتصامات.
وبحسب تقارير اقتصادية رسمية فقد تراجع انتاج البترول ما أسهم في ارتفاع عجز الطاقة من 5 الى 55 بالمائة سنويا بين 2011 و2020 الى جانب انهيار انتاج الفسفاط.
كما ان تراجع انتاج البترول والفسفاط حرم تونس من 2.2 الى 2.9 مليار دولار
سنويا بالعملة الاجنبية، اي تقريبا 18 مليار دولار خلال نحو عشر سنوات وهي عائدات مالية كان بالإمكان جنيها وعدم اللجوء الى الاقتراض الخارجي الذي أنهك البلاد وأضعف هامش تحركها في الأسواق المالية العالمية.
وتلجا تونس سنويا الى الأسواق المالية الدولية لتعبئة الموارد المالية في شكل قروض خارجية لتمويل الميزانية ما جعلها وفق عدد من المختصين تدخل في حلقة مفرغة من الديون ارهقت البلاد الى درجة التداين من اجل سداد ديون قديمة.
وستكون تونس مجبرة خلال العام 2021 على دفع حوالي 16.7 مليار دينار اي 6 مليار دولار بعنوان سداد قروض 70 في المائة منها ديون خارجية.
وستكون ايضا مجبرة خلال أشهر جوان وجويلية وأوت على خلاص ديون قديمة حل موعد سداها لم يكشف بعد قيمة هذه القروض التي سيقع سدادها بالعملة الأجنبية ما سيجعل احتياطي تونس من الموجودات الصافية من العملة الأجنبية مهدد بالتآكل.
ويتأتى مخزون العملة الاجنبية من 5 مصادر اساسية وهي التصدير المتعطل ثم السياحة التي تعرف ركودا كبيرا بسبب تداعيات ازمة جائحة فيروس كورونا الى جانب تحويلات التونسيين المقيمين بالخارج فتدفق الاستثمار الخارجي المباشر المتوقف بشكل كلي تقريبا (هبوط بنسبة 31.6 بالمائة مع موفى الثلاثية الأولى من هذا العام) والمصدر الخامس هو الاقتراض الخارجي.
وتحتاج تونس تحتاج الى هذا الاحتياطي من النقد الأجنبي لتمويل ثلاثة عمليات محورية لاقتصادها تتمثل في اقتناء المواد الغذائية (الحبوب اساسا) والدواء والمحروقات.
ويقول أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية رضا الشكندالي لموقع "البورصة عربي" ان التزامات تونس في الأشهر الثلاثة القادمة ستكون كبيرة على مستوى تسديد الديون مرجحا ان الاحتياطي من العملات الأجنبية سيتقلص أكثر فأكثر، الامر الذي سيؤثر من وجهة نظره على قيمة الدينار التونسي.
ولاحظ انه في ظل تعطل أبرز رافعات التصدير فان حوالي 80 في المائة من الموجودات الصافية من العملة الأجنبية لتونس متأتية من الديون الخارجية وحتى الداخلية باقتراض الدولة من البنوك التونسية، معتبرا ان هذا الاحتياطي اصطناعي.
وكشف أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية ان تونس ستقوم في أشهر جوان وجويلية واوت بسداد قروض خارجية حل موعد سدادها ما يعني ان الاحتياطي من النقد الأجنبي سيتراجع بشكل لافت وسيتآكل.
واكد من جانب اخر ان تونس مجبرة على الوصول الى اتفاق مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض جديد (في حدود 4 مليار دولار) وبالخصوص الحصول على الضوء الأخضر من الصندوق لبقية المانحين الدوليين للخروج على اسواق المال الدولية لتعبئة القروض لتمويل ميزانية هذا العام (52.6مليار دينار)
ومضى يضيف" ان حصول تونس على مباركة صندوق النقد الدولي وضمان الولايات المتحدة الامريكية سيكون بمثابة صك ضمان لتونس لكي تتمكن من الحصول على الموارد المالية الضرورية".
مهدي الزغلامي
تم النشر في 17/05/2021