تفاجا عدد كبير من التونسيين مؤخرا بإرتفاع هام لفاتورة استهلاكهم للكهرباء اذ عرفت جل العائلات التونسية زيادة في قيمة الفواتير متسائلين عما إذا عمدت الشركة التونسية للكهرباء والغاز (ستاغ) الى إقرار زيادة جديدة في فواتير استهلاك الكهرباء.
وكثر الحديث في الآونة الأخيرة عن إمكانية اجراء تعديل في تعريفات الكهرباء إثر ارتفاع أسعار برميل النفط في الأسواق العالمية الى مستوى 80 دولارا وانه مرشح ان يقفز الى سعر 90 دولارا وانعكاس ذلك على اسعار المحروقات والطاقة عموما في تونس.
ووفق المعطيات المستقاة من الستاغ فانه ليس هناك في الوقت الراهن زيادة في تعريفات الكهرباء والغاز، وانما الامر يعود الى تزايد الاستهلاك خلال الصائفة الأخيرة جراء الاستعمال المكثف لمكيفات التبريد لمقاومة الحرارة الشديدة التي عرفتها تونس خاصة خلال شهري جويلية واوت من هذا العام بتسجيل درجات حرارة قياسية.
وأكدت مصادر من الستاغ ان الشركة لم تقر زيادة جديدة في تعريفات الكهرباء على الرغم من الضائقة المالية التي تعرفها وتهدد عملية شراء المحروقات بالعملة الأجنبية مقابل تواصل إقرار الدعم في الغاز والكهرباء.
وتسعى تونس ذات الإمكانيات الطاقية المحدودة منذ عدة سنوات الى إيجاد حلول سريعة لارتفاع أسعار الطاقة وتقليص انعكاسها على ميزانية دعم المحروقات التي ما انفكت تتصاعد سنويا بفعل تقلبات أسعار برميل النفط.
تضاؤل هامش التحرك
امام تواصل ارتفاع أسعار النفط وتباين الفرضيات التي انبنت عليها اعداد ميزانية الدولة لسنة 2021 باحتساب سعر برميل النفط ب 45 دولارا، فان ميزانية دعم المحروقات سترتفع الى 3200 مليون دينار ليتعين بالتالي على الحكومة سد هذه الثغرة. تجدر الملاحظة ان كل زيادة بدولار واحد في سعر برميل النفط يتكلف على الميزانية زيادة إضافية ب 129 مليون دينار
للإشارة فان بلحسن شيبوب مدير عام الكهرباء والانتقال الطاقي بوزارة الصناعة والطاقة والمناجم كان قد قال في تصريحات إعلامية سابقة في شهر جوان من هذا العام "نحن ندرس تعديل التعريفة في ظلّ ارتفاع أسعار المحروقات إذ وصل سعر برميل النفط في الأسواق العالمية إلى مستوى 80 دولارا، بينما تم اعتماد فرضية إعداد موازنة تونس خلال 2021 على أساس 45 دولارا للبرميل".
وأكد المسؤول ضرورة على إيجاد التوازنات المالية لعملية توريد الغاز بالعملة الأجنبية محذرا من إمكانية تسجيل انقطاعات متواترة للكهرباء، على غرار عدة دول أخرى، في حال الاضطرابات التي قد تطرأ على توريد الكميات المطلوبة من الغاز لتوليد لكهرباء وتوفيره للتونسيين.
ويعود أخر تعديل في تعريفتي الكهرباء والغاز في تونس إلى جوان من سنة 2019 إذ رفعت الشركة التونسية للكهرباء والغاز، في التعريفة بنسبة 10 في المئة وشمل الترفيع خصوصا الحرفاء أصحاب الاستهلاك المفرط (300 كيلو واط).
الطاقة الشمسية للتقليص من فاتورة الاستهلاك
اكدت مصادر من الستاغ ان من ضمن الحلول المقترحة للتخفيف من قيمة فواتير الكهرباء اللجوء الى الطاقات المتجددة وبوتيرة أسرع موضحة ان تونس اقرت في 2015 قانونا جديدا يسمح بإنتاج الكهرباء انطلاقا من الطاقات المتجددة (الشمس والرياح).
وأبدت هذه المصادر ارتياحها النسبي من توجه عدد من التونسيين نحو تركيز اللاقطات الفلطاضوئية. فالمتجول في عدد من الاحياء والمدن التونسية سيلاحظ بالتأكيد انتشار لافت للاقطات الشمسية والفلطاضوئية على أسطح المنازل في حركة تؤشر على انتقال طاقي هام لدى التونسيين باللجوء الى الطاقات المتجددة والنظيفة تجنبا لإمكانية تسجيل ارتفاعات في تعريفات الكهرباء جراء تقلبات أسعار المحروقات.
وبلغ آخر رقم سجلته الشركة التونسية للكهرباء والغاز لعدد الحرفاء المستخدمين لهذه الطاقة حوالي 43 ألف إلى موفى اوت 2021.
تفادي زيادات تعريفات الكهرباء
وتأكيدا على الاهتمام المتزايد بتركيب اللاقطات الشمسية وخاصة الفلطاضوئية، قال الهادي العمدوني إطار في احدى شركات التامين انه لجا الى هذه التقنيات الجديدة منذ ما يقارب عن 3 سنوات اقتناعا منه بوجوب تقليص قيمة فواتير الكهرباء.
ويقول إنه قبل تركيب هذه اللاقطات كان معدل كل فاتورة استهلاك الكهرباء (كل شهرين) يدفعها إلى شركة الكهرباء في حدود 200 دينار ما أرهق كاهله وضاعف من مصاريفه.
وقام صاحب الخمسين عاما وأب لطفلين ما وصفه "باستثمار ذكي" في هذه التقنيات باقتناء 8 لاقطات فلطاضوئية بقرض بقيمة 7 الاف دينار يتم دفعه على 7 سنوات.
والآن بعد مضي حوالي 3 سنوات على استعماله هذه التقنيات أكد المتحدث أن فاتورة الكهرباء لم تعد تتجاوز 40 دينارا جراء ما من ينتجه من كهرباء ذاتي.
وشدد محدثنا على أنه في ظل التقلبات العالمية لأسعار النفط وما قد يترتب عنه من إمكانية ترفيع شركة الكهرباء التونسية لتعريفات الكهرباء والغاز فإنه قام "بتحصين نفسه طاقيا" وانه لن يتأثر بأية زيادة محتملة في السنوات القادمة.
ومن مزايا هذه العملية أنه من خلال العداد الخاص باللاقطات يتم إعادة الفائض في الطاقة، إلى الشبكة الرئيسية للكهرباء وفي حالة عدم قيام الحريف بتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية فإنه يحصل على الكهرباء بصورة مباشرة من الشبكة.
وتتضمن فاتورة الاستهلاك المعاليم القارة الاداءات ومعلوم استهلاك الغاز بالإضافة إلى معلوم استهلاك الكهرباء المتوفر من الشبكة.
وتؤكد مصادر الستاغ، أن فاتورة الاستهلاك للحريف المنخرط في هذا البرنامج يمكن أن تنخفض إلى حدود 70 بالمائة عن الفاتورة العادية.
ودعا الهادي العمدوني التونسيين إلى الاقبال بكثافة على تركيز هذه الالواح الشمسية والفلطاضوئية والاستثمار فيها تحسبا لتقلبات أسعار المحروقات وانعكاسها على سعر بيع الكهرباء في البلاد لاحقا.
وجوب تطوير التشريعات
ولئن تم تسجيل استفاقة من المواطنين في الاقبال على تركيب اللاقطات الشمسية التي عرفت "دمقرطة" انتشارها في تونس، فانه في المقابل لم يستفق المسؤولين بعد من اجل مزيد تطوير التشريعات في الغرض وإقرار منح وحوافز جديدة تشجع جل التونسيين على تجهيز أسطح منازلهم باللاقطات الفلطاضوئية.
من المفارقات الغريبة انه تم وفق مصادر من الستاغ الغاء منحة دعم صندوق الانتقال الطاقي لفائدة المؤسسات الناشطة في تركيب اللاقطات الشمسية والفلطاضوئية ما جعلها تعرف بعض الصعوبات في ممارسة نشاطها.
ومن ضمن مسالك التفكير الممكنة إمكانية إقرار حوافز جبائية للباعثين العقاريين بتركيز لاقطات شمسية في البناءات التي يتم تشييدها.
كما ان هناك من يقترح توجيه جانب من الدعم المسند للكهرباء والغاز في شكل منح مالية مباشرة او قروض ميسرة جدا الى عموم المواطنين لتركيز اللاقطات الفلطاضوئية لإنتاج الكهرباء ذاتيا
مهدي الزغلامي
تم النشر في 25/10/2021