version française ilboursa

إجراءات جديدة للنهوض بالتصدير والتركيز على الأسواق الافريقية

يجمع جل المختصين والمحللين الاقتصاديين في تونس على ان قطاع التصدير أحد اهم رافعات النمو الاقتصادي شهد على مدى السنوات الأخيرة تعطلا كبيرا ولم يكن بالفعل مساهما في تسجيل نتائج إيجابية وإدخال العملة الأجنبية بالقدر الكبير والمطلوب.

وبالتوزاي مع الازمات السياسية المتواترة في تونس وعدم وضوح الرؤية الاقتصادية وتذبذبها على مستوى الخيارات الاستراتيجية، فان الجهاز التصديري التونسي لا يزال يعاني من البيروقراطية المقيتة التي أضحت معرقلا حقيقيا للمصدرين التونسيين والأجانب المنتصبين في البلاد.

وفي كل الندوات الاقتصادية وحلقات النقاش مع أعضاء الحكومة في السنوات الفارطة يكاد يتفق كل المتدخلين الخواص على الإجراءات الإدارية أضحت معطلة وتبعث على الانزعاج من خلال كثرة الوثائق الإدارية وتشعبها.

وعلى الرغم من التحسينات وتطوير التشاريع في مجال التصدير الا انه لا يزال هناك نقاط ضعف وهنات كبيرة تستدعي المراجعة الجذرية. وعلى المستوى الاستراتيجي والجغرفي فانه لا يخفى على أحد ان الاتحاد الأوروبي يظل الشريك الاقتصادي والتجاري الأول لتونس باستحواذه على حوالي 75 بالمائة من المعاملات الاقتصادية بين الطرفين في شراكة تعود لزهاء خمسة عقود.

ولكن مع بروز اقطاب اقتصادية واستثمارية جديدة عبر العالم وفي مقدمتها دول جنوب شرق اسيا تظل القارة الافريقية وفق جل المختصين المتنفس الطبيعي والحقيقي لتونس في سبيل مزيد النهوض بصادراتها لا سيما وان العديد من الد راسات أظهرت ان لتونس تموقعا هاما في القارة السمراء.

الالتفات الى افريقيا

ومن هذا المنطلق اعدت وزارة التجارة وتنمية الصادرات برنامج عمل دسم لتنمية الصادرات جزء كبير منه موجه نحو افريقيا. ووفق وثيقة تحصل عليها "البورصة عربي" فان برنامج تنمية الصادرات فيما تبقى من سنة 2022 وبقية السنوات المقبلة يرتكز بالأساس على تركيز تواجد المؤسسات التونسية المصدرة في الأسواق الافريقية عبر حسن توظيف الاتفاقيات التجارية الجديدة التي انخرطت فيها تونس مؤخرا.

وفي هذا الصدد كشفت ذات الوثيقة توجه تونس الى استعادة التموقع في السوق الليبية من خلال تنفيذ خطة تحرك عاجلة تهدف إلى تنشيط المبادلات التجارية التونسية الليبية وتسهيل إجراءات نفاذ المنتوجات التونسية نحو هذه السوق عبر تنظيم اجتماع اللجنة العليا المشتركة التونسية الليبية وإيجاد الحلول الكفيلة باستئناف العمل بآلية تأمين الصادرات على ليبيا مع تنظيم اجتماع اللجنة العليا المشتركة التونسية الجزائرية.

ومن محاور العمل الهامة التي يتم الاشتغال عليها، تدعيم تموقع الصادرات التونسية بالأسواق الإفريقية وتحسين ظروف دخول السلع والخدمات التونسية الى ذلك مواصلة العمل على ضمان الاستغلال الأمثل لاتفاقية "الكوميسا" من خلال مواصلة تنظيم الملتقيات التحسيسية للتعريف بالاتفاقية في الجهات والتواصل مع السفارات التونسية المعتمدة بعدد من البلدان الأعضاء بالكوميسا ومع الممثلين التجاريين لاستجلاء الفرص التصديرية ببلدان الاعتماد.

وتعتزم الوزارة تنظيم بعثات رجال الأعمال للبلدان التي تمثل أسواقا واعدة للصادرات التونسية مثل كينيا وأثيوبيا والسودان ورواندا الى جانب برمجة ورشات قطاعية بحضور خبراء الكوميسا حول قطاعات النقل واللوجستيك وقواعد المنشأ. ويتم أيضا الاستعداد لإطلاق بوابة وطنية للتجارة بالتعاون مع الأمانة العامة للكوميسا ومؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (CNUCED) والإدارة العامة للديوانة.

ومن الخطوط الكبرى لتنمية الصادرات باتجاه دول افريقيا جنوب الصحراء، الاستفادة من دخول اتفاقية المنطقة القارية الإفريقية لتبادل الحر (ZLECAf) حيز النفاذ والإسراع في استكمال متطلبات تطبيق هذه الاتفاقية، من ذلك بالخصوص استكمال قائمات السلع وإنجاز دراسة حول الاستراتيجية الوطنية لتنفيذ اتفاقية المنطقة القارية الإفريقية للتبادل الحر ZLECAF بالتعاون مع اللجنة الاقتصادية لأفريقيا علاوة على تحسيس المتعاملين الاقتصاديين بمضمون هذه الاتفاقية والامتيازات التي تمنحها وكيفية الاستفادة منها

النهوض بالصادرات عبر الوسائل الإلكترونية

ويتمحور برنامج وزارة التجارة في تنمية الصادرات بوضع برنامج خصوصي للنهوض بالصادرات عبر الوسائل الإلكترونية وذلك بتبسيط وتقليص الإجراءات ودعم وتشجيع المؤسسات المعنية عبر إصدار دليل التصدير على الخط (إجراءات الترخيص والدعم والإجراءات الديوانية والمعاملات المالية ...) والانتهاء من إنجاز دراسة حول تقييم التجارة الإلكترونية في تونس.

ومن جهة أخرى فانه يجري استكمال الدراسة المتعلقة بتقييم اتفاقية الشراكة المبرمة مع الاتحاد الأوروبي سنة1995 وتنظيم يوم دراسي حول التصدير عبر الوسائل الإلكترونية بحضور الشركات المعنية فضلا عن تنظيم ندوات حول التصدير على الخط بالتعاون مع غرف التجارة والصناعة قصد تشجيع المؤسسات على الانخراط في هذا المسار.

كما تحرص الوزارة على رقمنة الإجراءات المتعلقة بالتصدير عبر الوسائل الإلكترونية بهدف تبسيطها وتقليص آجالها مع الانطلاق في إنجاز منصة إلكترونية موجهة لترويج صادرات المنتوجات التونسية.

تصور جديد لمنظومة شركات التجارة

من بين مخططات الوزارة لمزيد تطوير جهاز التصدير، العمل على صياغة تصور جديد لمنظومة شركات التجارة الدولية بهدف تطوير مساهمتها في المجهود التصديري وذلك بتقييم ومراجعة الأطر القانونية والإجرائية لهذا القطاع من خلال إعادة هيكلة الإجراءات المتعلقة بإحداث ومتابعة هذه الشركات على مستوى مركز النهوض بالصادرات وذلك بإصدار دليل إجراءات وتنظيم يوم دراسي حول أنشطة شركات التجارة الدولية بهدف تقييم التجربة الحالية ومزيد تحسينها.

تطوير الخدمات لدفع مساهمتها في التصدير

يُقترح في هذا الاطار، تنشيط لجان العمل صلب المجلس الوطني للخدمات لتنفيذ استراتيجية تطوير الخدمات ومزيد الإحاطة بالمصدرين على مستوى الجهات بإحداث خلايا للتجارة الخارجية صلب الإدارات الجهوية للتجارة وتنمية الصادرات وتأمين التكوين الضروري لذلك مع مزيد تبسيط إجراءات التجارة الخارجية للرفع من القدرة التنافسية للصادرات وتعزيز الشفافية وتحسين تصنيف الاقتصاد الوطني وكذلك تطوير منظومة التصرف في سندات التجارة الخارجية لتستوعب آليات العمل عن بعد.

ومن ضمن المقترحات الأخرى، تنظيم يوم دراسي حول قطاع اللوجستيك والنقل في علاقة بالتصدير وتنشيط أعمال المجالس الاستشارية ذات العلاقة بالتجارة الخارجية الى جانب إعداد ومتابعة البرامج التصديرية للمنتوجات الفلاحية الموسمية: تنشيط لجنة متابعة صادرات المنتوجات الموسمية وتنشيط لجنة متابعة صادرات وأسعار زيت الزيتون.

الى ذلك إعداد برنامج للنهوض ومتابعة صادرات الصناعات التقليدية بالتنسيق مع الهياكل الإدارية المعنية والقطاع الخاص ومواصلة تنفيذ البرنامج الثالث لتنمية الصّادرات في الجوانب المتعلقة بإعادة هيكلة وتحديث آليات وأجهزة مساندة التصدير وتحسين أداء بعض القطاعات التنافسية المصدرة.

تطوير صندوق النهوض بالصادرات

تعتزم وزارة التجارة في هذا السياق استكمال دراسة إعادة هيكلة صندوق النهوض بالصادرات والتي تهدف إلى صياغة آلية مالية قادرة على تعزيز القدرات التنافسية للقطاعات التصديرية والاستغلال الأمثل لموارد الدولة باتجاه مساندة القطاعات ذات القيمة المضافة العالية إعداد النصوص القانونية المستوجبة من أجل تنفيذ الرؤية الجديدة لمركز النهوض بالصادرات.

اجمالا لن تتحقق الأهداف الواردة ببرنامج وزارة التجارة وتنمية الصادرات للنهوض بالجهاز التصديري الا بتوفر الإرادة السياسية القوية لأجل تطوير قطاع حيوي واستراتيجي يمكن ان يكون قاطرة لدفع النمو الاقتصادي وإخراج تونس من أزمتها الاقتصادية وتوفير مواطن شغل كبيرة.

كما يتعين تظافر جهود كل المتدخلين وخاصة الإدارة التونسية لجعل التصدير أحد اهم وأبرز محاور عملها وان كل الإجراءات والخطط المتخذة تصب في خانة النهوض بالتصدير لإنقاذ المصير.

مهدي الزغلامي

تم النشر في 31/05/2022