version française ilboursa

أي واقع لصناديق الخزينة في تونس ودورها في التنمية الاقتصادية ؟

انجزت الجمعية التونسية للحوكمة الجبائية دراسة تقييمية لواقع صناديق الخزينة في تونس عن طريق عائشة قرافي خبيرة في المالية العمومية والمديرة العامة السابقة بوزارة المالية.

وضبطت الدراسة ما يعادل 62 صندوق وحساب خزينة وقامت الخبيرة بتقسيمها إلى 5 مجموعات بحسب طبيعة النشاط ومجال التدخل، من خلال صنف أول، يضم الصناديق الخاصة لدعم القطاع الصناعي والفلاحة والبيئة والخدمات، وبه 12 صندوقا.

وصنف ثان يشمل الصناديق الخاصة لدعم التشغيل واللامركزية وفيها 8 صناديق وصنف ثالث، يضم الصناديق الخاصة لدعم القطاع الاجتماعي وعددها 10 صناديق. فصنف رابع، يشمل “صناديق خاصة مختلفة” ويضم اثني عشرة 12 صندوقا بالإضافة الى صنف خامس، يضم الموارد الجبائية لفائدة بعض المؤسسات الوطنية ويغطي عشرين 20 صندوقا.  

وأبدت معدة الدراسة على ضوء ذلك، مجموعة من الملاحظات، تتمثل الأولى، في سهولة إحداثها بقانون المالية ولكن تشدد في المقابل على صعوبة غلقها، وفسرت ذلك بأسباب سياسية بحتة خاصة إذا كانت الصناديق تحمل رمزية سياسية أو اجتماعية أو تنموية وفق اعتقادها.

وتتمثل الملاحظة الثانية في صعوبة تناول موضوع صناديق الخزينة والإحاطة بمختلف جوانبه بسبب تشتت النصوص القانونية وصعوبة ضبطها وتتبع التعديلات التي طرأت عليها وعدم نشر النصوص الترتيبية المنظمة لسير نشاطها. 

اما الملاحظة الثالثة فتتثمل في ليونة التصرف في موارد الصناديق الخاصة خارج أطر ميزانية الدولة موضحة انها مسألة من أهم مزايا هذه الآليات التي توفر تمويلات عمومية سريعة لقطاعات اقتصادية واجتماعية حساسة أو مشاريع تتطلب حلولا عاجلة. ومع ذلك، حذر البعض الآخر من احتمال حدوث آثار سلبية على المال العام حين يقع التصرف فيها خارج الأطر الرقابية للميزانية العامة للدولة.

واعترت عائشة القرافي ان هذه الوضعية ما قد تؤدي إلى حدوث مخاطر عديدة كعدم استغلال أموالها الاستغلال الأمثل بحسب الأهداف التي حددها لها المشرع سلفا، وكعدم الاستدامة المالية وخطر تراكم الديون غير المستخلصة وتفشي التعقيدات الإدارية والمالية مما يناقض الأهداف التنموية التي أحدثت من أجلها.

يشار الى ان دراسة سابقة حول الصناديق الخاصة قامت بها ثلاث وزارات، وهي الاقتصاد والمالية والنهوض بالاستثمار صدرت سنة 2021ابرزت أن الصناديق الخاصة للخزينة، تواصل لعب دورها الأساسي في تمويل الاستثمار والتشجيع على بعث المؤسسات ورفع المقدرة التنافسية.

ويُنتظر أن تلعب دورا مركزيا آخر في تمويل آليات ضمان المخاطر الناجمة عن التغييرات المناخية التي عرفتها البلاد التونسية منذ سنوات وتسببت في الجفاف والفيضانات، التي انجر عنها ضعف المحاصيل الزراعية وصعوبة التصدير وتراجع تربية الماشية.

كما ينتظر منها تمويل المخاطر الناجمة عن عجز باعثي المشاريع الجدد وأصحاب المؤسسات الصغرى والمتوسطة عن تسديد قروضهم البنكية، خاصة في المجال الفلاحي بسبب تناقص مداخيلهم ومردودية أنشطتهم.

وتمثل صناديق الخزينة أحد أهم موارد المالية العمومية وأحد أبرز الآليات التي تعتمدها الدولة لتحقيق أهدافها الاقتصادية والاجتماعية. تتأتى مواردها أساسا من الاعتمادات التي تخصصها لها ميزانية الدولة في إطار قانون المالية، ومن المبالغ المستخلصة من القروض التي تسندها ومن هبات الذوات العمومية والخاصة ومن أية موارد أخرى.

وتتنوع صناديق الخزينة، فتشمل الصناديق الخاصة والحسابات الخاصة، وخطوط التمويل وأموال المشاركة. كما تشترك هذه الصناديق وظيفيا، في استخدام الدولة مواردها بهدف تمويل برامج أو قطاعات محددة تحتاج دعما لرفع قدرتها التنافسية.

ورغم مواردها المالية الهامة والدور الموكول إليها في تنمية القطاعات الاقتصادية الحساسة، ظلت صناديق الخزينة يلفها الغموض بحسب المختصين، إذ لم يقع تناول أهميتها الاقتصادية في تحاليل الخبراء الاقتصاديين وخبراء المالية العمومية ضمن الملفات والبرامج التي يبثها الإعلام الوطني وفي تقارير الصحفيين التونسيين وتغطياتهم المخصصة لمناقشة مشروع قانون المالية ولنقل المداولات المتعلقة بميزانية الدولة. لذلك سوف تعمل الجمعية التونسية للحوكمة الجبائية على تغطية هذا النقص من خلال العمل على التعريف بها وتبسيط مفاهيمها وتفسير طرق عملها لغير المشتغلين بمجالات والمالية العمومية أو المحاسبة العمومية والنشاط الضريبي.

م.ز

تم النشر في 21/08/2024