version française ilboursa

هل تعطلت المفاوضات بين تونس وصندوق النقد الدولي ؟

بعد أن استأنفت المفاوضات بين تونس وصندوق النقد الدولي أول شهر نوفمبر الماضي، باتت اخبار هذه المفاوضات شحيحة إلى درجة أن عددا من المتابعين للشأن الاقتصادي التونسي يرجحون تعطل هذه المفاوضات بسبب اشتراطات صندوق النقد "المشطة" وعجز السلط التونسية عن الايفاء بتعهداتها واجراء الاصلاحات المطلوبة.

ويرى أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية رضا قويعة أن المفاوضات بين تونس وصندوق النقد الدولي قد توقفت مرجعا ذلك إلى غياب رؤية واضحة وخارطة طريق للخروج من الأزمة الاقتصادية والضبابية على المستوى السياسي والاجتماعي وخاصة الاقتصادي.

ويضيف في تصريح لـ"البورصة عربي" أن صندوق النقد الدولي وضع جملة من الاصلاحات الأساسية التي لا يمكن للمفاوضات أن تستمر دون أن تقدم السلط التونسية تعهدات فعلية بالمضي فيها وهي اساسا التقليص من كتلة الأجور وترشيد الدعم خاصة في الطاقة فضلا عن اصلاح المؤسسات العمومية وتحسين مردوديتها، كما يشترط الصندوق تشريك المنظمات الوطنية في وضع هذه الاصلاحات.

وأشار قويعة إلى ضرورة أن يفهم الفاعلون السياسيون والاقتصاديون في تونس طبيعة صندوق النقد لفهم مقاصده من وراء الاصلاحات التي يطالب بها في كل جولة من المفاوضات، اذ ان  هذه المؤسسة المالية لديها دور تنموي اقتصادي ظاهر للعيان يقوم على اعانة البلدان وتحسين اقتصادها وتنمية قدراتها وتحسين النمو وتقليص نسب الفقر وله دور سياسي إيديولوجي خفي عبر دعم اقتصاد السوق والاستثمار الخاص ذلك أن الولايات المتحدة الأمريكية  أكبر ممول للصندوق هي التي تصيغ السياسات الكبرى لصندوق النقد وهي ترجح الكفة لاقتصاد السوق  والقطاع الخاص والاستثمار الخاص.

ويعتقد قويعة أنه لا مناص أمام تونس من اللجوء إلى صندوق النقد الذي يمنح قروض ميسرة لا تتجاوز 2 بالمائة مع تمديد فترة استرجاع القروض في حين أن السوق المالية الدولية تضع نسب فائدة عالية تصل إلى 13 بالمائة، لكنه في المقابل يعمل على ضمان استرجاع قروضه لذلك يضع اجراءات صعبة التنفيذ في البلدان التي تشكو الفقر والبطالة وعدم توازن ميزانية الدولة وارتفاع تكلفة الدعم وكتلة الأجور في القطاع العام.

وحول الدعم الثنائي من البلدان الصديقة لتونس أبرز المحدث أن هناك عديد الدول التي عبرت عن ارادتها في دعم تونس مثل الجزائر والسعودية والإمارات وليبيا ولكن فعليا لم تتحصل تونس على مساعدات من هذه البلدان بحكم تأخر الاصلاحات وغياب رؤية وخارطة طريق واضحة، كما أن الدعم الوحيد من الغرب الذي يمكن أن تحصل عليه تونس سيكون دعمها في مفاوضاتها مع صندوق النقد، ويمكن أن يكون لدعمهم تأثير خاصة وأنهم يعرفون الوضع التونسي جيدا أكثر من الولايات المتحدة وكوادر صندوق النقد وحتى البنك الدولي.

ويستبعد أستاذ الاقتصاد أن تلجأ تونس إلى الاقتراض الداخلي كبديل لصعوبة الحصول على تمويلات خارجية مضيفا أن الالتجاء لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي والاقتراض من الخارج أصبح ضرورة لا يمكن تجنبها

ويبين أن الاقتراض الداخلي يقوم أساسا على الادخار الذي تراجع في تونس من 22 بالمائة من الناتج الداخلي الخام قبل العشرية الأخيرة إلى حدود 10 بالمائة الآن، كما أن الشركات التي كانت تساهم في الادخار صارت اليوم تعرف صعوبات جمة، مضيفا أن البنك المركزي أول مدخر أصبح يضخ ملايين الدينارات للبنوك يوميا حتى تسترجع عافيتها وتوفر نوعا من السيولة.

أما العنصر الثاني للاقتراض الداخلي فهو الاكتتاب، مشيرا إلى أن أن الاكتتاب الأخير لم يعطي نتيجة كبيرة بحكم انكماش الطبقة الوسطى التي كانت تمثل عماد المجتمع التونسي في السنوات الاخيرة وأول المساهمين في الاكتتابات الداخلية وقد صارت تصنف ضمن الطبقات الضعيفة والفقيرة وهذا نتيجة ارتفاع الأسعار وتدهور الدخل والتضخم المالي فضلا عن الكورونا.

أمير البجاوي

تم النشر في 07/12/2021