version française ilboursa

مدير تنمية التجارة الالكترونية : تونس بحاجة الى تطوير التشريعات وتغيير عقليات التجار والمواطنين

صنَف تقرير الأمم المتحدة حول التجارة والتنمية لسنة 2020 تونس في المرتبة 77 لمؤشر التجارة الالكترونية والثالثة افريقيا والأولى مغاربيا، إلا أن هذا التصنيف لا يمكن ان يحجب المعوقات والمشاكل التي لا زالت تحول دون أن تصبح التجارة الالكترونية أحد مكونات الثقافة الاستهلاكية للتونسي.

يرى البعض أن انتشار ظاهرة الغش والتحيل على مواقع البيع الالكتروني ساهمت بشكل كبير في تشويه صورة التجارة الالكترونية وزيادة مخاوف التونسيين من كل البضائع التي يتم عرضها على مواقع الكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي، إلا أن مدير تنمية التجارة الالكترونية بوزارة التجارة وتنمية الصادرات خباب الحضري اشار إلى أن الإشكالية أعمق من ذلك وهي تشمل كل منظومة الاقتصاد الرقمي في تونس وتتداخل فيها عديد الأطراف.

واكد في حوار لـ"البورصة عربي" أن اهم الحلول لتطوير التجارة الالكترونية العمل على توعية وتحسيس المستهلك والتاجر في آن واحد والعمل على تطوير عدة قطاعات مرتبطة بالتجارة الالكترونية مثل اللوجستيك والقطاع البنكي كما يشدد محدثنا على أهمية هيكلة قطاع التجارة الالكترونية عبر ادماج المؤسسات الصغرى والتجار الصغار في منظومة الاقتصاد الرقمي.

تم مؤخرا الانتهاء من اعداد دراسة حول تقييم واقع التحضيرات للتجارة الالكترونية في تونس، ما هي أهم مخرجات وتوصيات هذه الدراسة؟

فعلا أعددنا دراسة قيمة حول واقع التجارة الالكترونية في تونس وآفاق تطويرها وذلك بالشراكة مع منتدى الأمم المتحدة للتجارة والتنمية والاتحاد الأوروبي والجمعية الألمانية للتعاون الفني وقد تطلب اعداد هذه الدراسة أكثر من سنة

وتقدم الدراسة حزمة من القرارات والإجراءات على المدى القصير والمتوسط وحتى على المدى الطويل مثل قانون الرقمنة أو البنك البريدي.

 وستساهم هذه الدراسة في وضع تشخيص واضح سيساعد في الإصلاحات وخاصة امكانيات الحصول على دعم المانحين لهذه البرامج وتشريك كل المتدخلين من وزارات وهياكل معنية.

ما هي أهم مؤشرات ونتائج قطاع التجارة الالكترونية في تونس خلال سنة 2021؟

حسب آخر الاحصائيات التي قدمتها لنا شركة نقديات تونس والديوان الوطني للبريد قام التونسيون سنة 2021 بإجراء حوالي 10 آلاف معاملة الكترونية 15 بالمائة منها معاملات تجارية الكترونية بينما مثلت البقية عمليات دفع على الخط وبلغ عدد مواقع الواب التجارية المنخرطة في منظومات الدفع الإلكتروني 1436 موقع واب تجاري وخدماتي مسجلا نقصا بنسبة 34 بالمائة مقارنة بسنة 2020.

ويعود هذا النقص نتيجة الإجراء الذي قامت به شركة نقديات تونس المتمثل في تحيين قاعدة بيانات المواقع المنخرطة بمنظومة الدفع وحذف مواقع الواب غير الناشطة.

وبلغت القيمة الجملية للمعاملات الإلكترونية أكثر من 576 مليون دينار بعد أن كانت في حدود 345 مليون دينار سنة 2020، مع الإشارة إلى أن 80 بالمائة من المعاملات لا يتم احصائها لأنها تتم عبر الدفع نقدا بعد ت

وصيل البضاعة للحريف.

رغم تطور البنية التحتية التكنولوجية والرقمية إلا أن التجارة الالكترونية بقيت دون المأمول ولم تصبح فعليا ضمن ثقافة المستهلك التونسي، ماهي المعوقات أمام تطور التجارة على الأنترنت؟

فعلا هناك مشاكل كبيرة تتجاوز التجارة الالكترونية لتشمل كل المنظومات الاقتصادية المتعلقة بها وتتداخل فيها عديد الأطراف مثل البنك المركزي ووزارات المالية والاقتصاد والتكنولوجيا وعديد الهياكل، فالتجارة الالكترونية ليست حكرا على وزارة التجارة فقط وإنما هي مرتبطة باللوجستيك والنقل وقانون بعث المؤسسات وقانون الصرف وتوفر التمويلات.

هناك أيضا مشكل اللوجستيك ونقل وتوزيع البضائع وهو قطاع غير منظم ويعمل في إطار موازي وهو الذي يساهم بدرجة كبيرة في اعطاء سمعة سيئة حول التجارة الالكترونية في تونس، لهذا فإن من أول الإصلاحات التي يجب ارسائها هي اصلاح هذا المجال الحيوي بالنسبة للتجارة الالكترونية.

اليوم لدينا مكاسب يمكن البناء عليها مثلا البنية التحتية الرقمية التي تعتبر متطورة مقارنة بالدول النامية والصاعدة حيث تصنف تونس في المرتبة 77 عالميا والثالثة افريقيا في مؤشر التجارة الالكترونية كما تتوفر تونس على كفاءات وموارد بشرية مؤهلة ولكن يبقى الاشكال الكبير في الحصول على التمويلات الضرورية لإنشاء شركات كبرى ورابحة في مجال التجارة الرقمية.

ماهي الحلول التي المقترحة لتطوير نشاط التجارة الالكترونية؟

من ضمن الحلول الهامة أولا يجب العمل على الجانب التوعوي الذي يعد أهم الحلول التي يمكن أن تشجع التونسيين على الاقبال على التجارة الالكترونية.

ثانيا يجب ايجاد حل لمشكلة اللوجستيك وتنظيم قطاع نقل البضائع وادماجه في منظومة التجارة الالكترونية مع العلم أن أول متضرر من عدم تنظيمه هو البريد التونسي الذي خسر سوقا هامة بسبب عدم تنظيم القطاع.

ثالثا يجب على وزارة المالية أن تساهم في تنظيم قطاع التجارة الالكترونية عبر تسهيل تسجيل المؤسسات التي تريد العمل في مجال التجارة الالكترونية وأن تتعامل مع هذه الشركات كمؤسسات للتجارة والتوزيع.

 كما يجب العمل على ادماج أقصى عدد من العاملين في القطاع الموازي مثل صانعي المحتوى على الأنستغرام واليوتيوب وألعاب الرهان الرياضي وهنا أستحضر التجربة المصرية التي وضعت قانون تحفيز المؤسسات الصغرى والفوترة الالكترونية لكل التجار والتصريح بالأداءات على الخط من خلال مكاتب مختصة للتجارة الالكترونية تهم حتى صانعي المحتوى على اليوتيوب والانستغرام وذلك بغرض استقطابهم في إطار الدورة الاقتصادية.

اليوم لدينا في تونس حوالي 350 ألف تاجر توزيع يمكن أن يتم ادماجهم في سوق التجارة الالكترونية فقط عبر حثهم على انشاء مواقع الكترونية لعرض منتجاتهم على الأنترنت، وهي عملية لا تتطلب تمويلات كبيرة فقط العمل على الجانب التوعوي والتحسيسي.

كما أدعو بالمناسبة القطاع البنكي إلى المساهمة في مجهودات تطوير التجارة الالكترونية فهو غائب تماما ولم يقدم أي تنازلات مثل تخفيض العمولات على الشركات المختصة في التجارة الالكترونية سواء بالنسبة لإدماج منظومة الدفع الالكتروني أو على المعاملات المنجزة.

من بين أسباب عدم اقبال التونسيين على تجارة الأنترنت هو كثرة الغش وعمليات التحيل، ماهي الحلول التي تعتمدها الوزارة للحد من هذه الظاهرة؟

المشكلة أن عمليات الغش والتحيل والتي أعطت فكرة مغلوطة عن مزايا التجارة الالكترونية تكون من طرف مواقع أو صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي لا تلتزم بأبسط قواعد التجارة من معرف جبائي وتعريف الشركة ووضع عناوين للاتصال بالبائع والتي يتوجب على المستهلك عدم التعامل معهم.

لذلك فإن الحل الأول هو العمل على الجانب الاتصالي والتوعوي والتحسيسي للمستهلكين عبر تحذيرهم من التعامل مع مثل هذه المواقع والعمل حتى على مواقع التواصل الاجتماعي لفضح مثل هذه الممارسات عبر مجموعات على الفايسبوك لفضح عمليات الغش على مواقع التجارة الموازية مثلا.

أيضا لا يمكن مقاومة عمليات الغش إلا بتوفر جهاز رقابي قوي وهو ما يتطلب توفير تمويلات وموارد بشرية كبيرة، مثلا في فرنسا تم مؤخرا بعث خلية مختصة في قضايا الغش على مواقع التجارة الالكترونية فقط.

يعتبر البعض أن الإطار التشريعي للتجارة الالكترونية لازال مكبلا لهذا القطاع فهو قانون يعود لسنة 1998 ويتعامل مع التجارة الالكترونية كنوع من التجارة التقليدية دون ان يأخذ بعين الاعتبار التطورات التكنولوجية، هل هناك نية لوضع إطار تشريعي يواكب هذه التحولات؟

تبقى التجارة الالكترونية نوعا من التجارة التقليدية التي ينطبق عليها الإطار التشريعي المنظم للتجارة، الذي يمنع شركات التجارة الصغرى وحتى التجار الصغار من الدخول إلى مجال التجارة الالكترونية سوى انشاء موقع الكتروني يمكن من تحسين مداخيله وترويج المنتوج على نطاق أوسع.

اليوم علينا تنظيم التجارة التقليدية عبر دعم فرق المراقبة ومقاومة ظاهرة الغش ومتابعة مدى التزام التجار بتطبيق القانون واحترام قوانين المنافسة وحينها سينتظم قطاع التجارة الالكترونية بدوره.

هنا يمكن أن أشير إلى المساحات الكبرى التي انخرطت في مجال التجارة الالكترونية بعد أن أدركت مردوديته المالية واستجابته لمتطلبات المستهلكين الجديدة وهو ما ساهم في ازدهار تجارة التوصيل للمنزل والتي أصبحت مطلوبة للغاية وتوفر إيرادات كبيرة، وبالتالي فإن القانون والإطار التشريعي لم يكن عائقا امامها، فقط يجب العمل على التوعية بالمردودية المالية لهذا النوع من التجارة.

هل يمكن الحديث عن تجارة الكترونية في تونس طالما لا يمكن إلى اليوم النفاذ إلى منظومات الدفع الالكتروني الدولية مثل PayPal ومواقع التجارة العالمية؟

أقولها وأكررها أن أولويات تطوير التجارة الالكترونية في تونس ليست في النفاذ لمنظومات الدفع الالكترونية على أهميتها وهنا يتوجب الإشارة إلى أن البنك المركزي يبذل مجهودات كبيرة للانخراط في هذه المنظومات وهو ليس أمرا سهلا كما يظن الكثير.

ولكن توجهنا هو تمكين المؤسسات المهيكلة والتي تمتلك معرفا جبائيا من رصيد من العملة الصعبة بقيمة أولية بـ10 ألاف دينار مع إمكانية الترفيع فيه، ويخصص للشراءات من الخارج، أما توفير ارصدة للأشخاص المعنويين فهو ليس أولوية وذلك بسبب المخاوف من تطور ظاهرة التجارة الموازية.

فالتشجيعات والتحفيزات يجب أن تخصص للمؤسسات المهيكلة وليس للأشخاص أو الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي والتي لن توفر مداخيل لتونس

كما يمكن العمل على إرساء آلية للدفع الالكتروني تونسية 100 بالمائة تكون ذات اشعاع عالمي خاصة مع توفر كفاءات وشركات ناشئة يمكن لها وضع منظومة متطورة وآمنة للدفع الالكتروني.

أجرى الحوار: أمير البجاوي 

تم النشر في 30/03/2022