version française ilboursa

كيف فشلت تونس في استقطاب الاستثمارات الأجنبية في السنوات الاخيرة؟

من المنتظر ان تُنهي تونس 2021 على وقع سلبي في استقطاب الاستثمارات الخارجية المباشرة والتي شكلت في السنوات الفارطة أحد أهم رافعات الاقتصاد التونسي بتوافد مؤسسات أجنبية أساسا من منطقة الاتحاد الأوروبي تنشئ مشاريع في قطاعات واعدة، لكن المنحى الإيجابي توقف منذ سنة 2018.

وسجلت تونس في عام 2018 نموا في جذب الاستثمارات الخارجية بنسبة 17.6 بالمائة غير انه منذ سنة 2019 بدأت الأوضاع تتغير في اتجاه تسجيل نسب سلبية اذ تراجعت هذه الاستثمارات ب 7.6 في المئة ثم تتعمق بتقهقر بنسبة 28 بالمائة في عام 2020 وتعمق بنسبة 31 في المئة في الثلاثي الأول من هذه السنة و7 بالمائة في السداسي الأول من 2021

وفي الوقت الذي يُجمع جل المحللين والمشرفين على قطاع النهوض بالاستثمار الخارجي في تونس على أن انتشار جائحة فيروس كورونا اثرت بشكل لافت على نسق تدفق الاستثمار الخارجي، فإن هناك اسباب أخرى أكثر عمقا جعلت من تونس تفشل في استقطاب الشركات الأجنبية ولم تعد وجهة جاذية للاستثمار الخارجي.

ويتصدر الوضع السياسي السائد في البلاد طليعة الأسباب المباشرة لعزوف المستثمرين الأجانب عن المجيء الى تونس والاستثمار بها. كما تساهم الاضطرابات الاجتماعية بتصاعد وتيرة الاعتصامات والصد عن العمل في تخوف الشركات الأجنبية في التحول الى تونس واحداث المشاريع بها.

وتنشط في تونس الى حدود شهر ديسمبر 2021 أكثر من 3.700 مؤسسة اجنبية تعمل في عدة قطاعات خاصة قطاع الصناعة وتشغل حوالي 416 ألف عامل تونس وتبلغ استثماراتها 29.4 مليار دينار.

وضع وبائي

واقر عبد الباسط الغانمي المدير العام لوكالة النهوض بالاستثمار الخارجي في حوار سابق مع "البورصة عربي" ان الاستثمارات الدولّية المتدفقة على تونس تراجعت مع نهاية سنة 2020 بنسبة 28.8 بالمائة، وان هذا المنحى التنازلي يعود بالأساس إلى تأثر البلاد بالتداعيات الناجمة عن جائحة كورونا على غرار بقية دول العالم.

وأبرز أن هذا التراجع كان متوقعا، حيث قّدر مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية في تقريره الأخير لسنة 2020 عن الاستثمار العالمي أن تنخفض تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر العالمية بنسبة تصل إلى 40 بالمائة سنة 2020.

وأكد الى أّنه تّم تسجيل انخفاض في الاستثمارات الخارجية في تونس قبل بداية الأزمة الصحية منذ السداسي الثاني لسنة 2019، أين بدأ نسجل تراجعا لتدفقات الاستثمارات الخارجية مع نهاية سنة 2019 تعّمق أكثر مع الأزمة الصحية.

المستثمرون الأجانب متخوفون من الأوضاع السياسية

ويجمع المحللون والخبراء في تونس على ان الاستثمارات الخارجية في تونس عرفت توقفا ملحوظا منذ سنة 2018 بتسجيل نسبة سلبية بسبب ما وصفوه بتردي المناخ السياسي في البلاد وتواصل تعمق الازمة السياسية في تونس.

وشدد على ان اهم عامل يبحث عنه المستثمر الأجنبي لإحداث مشاريعه هو عامل الاستقرار السياسي الامر الذي لا يتوفر في تونس في الوقت الراهن.

ومن العوامل التي يرونها انها ساهمت في فشل تونس في جذب المستثمرين الأجانب في السنوات الأخيرة، اهتراء البنية التحتية بشكل ملحوظ مستدلا في ذلك على غياب الانترنت في عدد من المناطق الصناعية واهتراء التجهيزات.

وأضافوا ان هناك عدة عوامل أخرى تجعل المستثمر الأجنبي يتردد في التفكير في تونس كوجهة استثمارية على غرار التعقيدات الإدارية بتعدد الهياكل التي يتوجه نحوها المستثمر علاوة على مسالة الضرائب غير المستقرة بإقرار كل سنة تغيير في نسبة الضرائب الموظفة على الأرباح.

كما لفتوا الانتباه الى مسالة اعتبروها في غاية الأهمية وهي منع البنك المركزي التونسي في السنوات الأخيرة المستثمرين الأجانب المتمركزين في تونس من اخراج مرابيحهم بالعملة الأجنبية من اجل الحفاظ على رصيد تونس من العملة الأجنبية.

وأشار الخبراء أيضا الى ان المستثمر الأجنبي عندما يقرر الانتصاب في أي بلد لإحداث مشروعه يطلع على الترقيم السيادي لتلك الدولة وفي وضعية تونس فان ترقيمها السيادي تراجع بشكل مخيف في سنتي 2020 و2021. وفي منتصف أكتوبر خفضت وكالة موديز للتصنيف الائتماني، الخميس، التصنيف السيادي لتونس من B3 إلى Caa1، مع نظرة مستقبلية سلبية.

تغيير القوانين

ويرى عبد الباسط الغانمي المدير العام لوكالة النهوض بالاستثمار الخارجي في أن اليوم وبعد مضي حوالي 5 سنوات من المصادقة على المنظومة القانونية المتمثلة في قانون الاستثمار، أصبح من الضروري مراجعتها وتطويرها في إطار رؤية استراتيجية واضحة تتماشى مع أولويات تونس التنموية الرامية إلى تحسين مناخ الأعمال وتنشيط دور القطاع الخاص علاوة على الأخذ في الاعتبار تطلعات جميع الشركاء وإعادة ثقة المستثمرين في الوجهة التونسية خاصة في فترة ما بعد الكورونا.

كما يجب أيضا السعي إلى وضع استراتيجية قطاعية تتلاءم مع متطلبات المرحلة الراهنة والتأكيد في هذا الباب على إعطاء الجهات الداخلية ما تستحقه من اهتمام من خلال إبراز مكامن الثروة فيها وميزاتها التفاضلية يضيف المسؤول.

مهدي الزغلامي

تم النشر في 20/12/2021