version française ilboursa

عبد الجليل البدوي: بإمكان تونس الاستغناء عن صندوق النقد الدولي وتوفير 12 مليار دينار من مواردها الذاتية

قال الخبير الاقتصادي ورئيس قسم الدراسات بالمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية عبد الجليل البدوي أن تونس لديها عديد الخيارات لتحسين شروط التفاوض مع صندوق النقد الدولي وأنه من الضروري اتخاذ جملة من الإصلاحات الوطنية العاجلة لتعبئة الموارد المالية الداخلية عوض التعويل على الموارد الخارجية.

وأكد البدوي في رده على سؤال لـ"البورصة عربي" خلال ندوة صحفية نظمها المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بعنوان "ميزانية 2022 رهينة صندوق النقد الدولي" أن تونس بإمكانها تعبئة أكثر من 12 مليار دينار من الموارد الذاتية (قيمة المبلغ الذي ترغب تونس الحصول عليه في شكل قرض من صندوق النقد الدولي)  إذا ما استخلصت أموالها المتخلدة بذمة أطراف اقتصادية ولوبيات متغولة في الاقتصاد التونسي.

واستغرب البدوي تواصل الإعفاءات الجبائية والتي تشجع على التهرب مقترحا في هذا الخصوص اصدار مرسوم يمنع سن عفو جبائي لمدة 5 سنوات، كما اقترح الخبير الاقتصادي وضع ضريبة على الثروة ومكافحة الاقتصاد الريعي والعمل على ادماج الاقتصاد الموازي الذي يساهم بأكثر من 40 بالمائة من الناتج الداخلي في الدورة الاقتصادية وذلك بهدف ضخ السيولة الضرورية للرفع من التنمية الاقتصادية.

ومن ضمن الاقتراحات التي قدمها عبد الجليل البدوي أن يقوم الوفد التونسي المفاوض مع صندوق النقد الدولي بطلب قرض بالعملة الصعبة عوض الدينار وذلك للرفع من المدخرات من العملة الصعبة ودعم التصدير والتخفيض من قيمة الواردات.

ومن جهة أخرى ابرز عبد الجليل البدوي أن المقترحات التي يقدمها صندوق النقد الدولي لإصلاح الاقتصاد والمنظومة المالية كشروط لإقراض تونس تهدف لضرب كل تمشي إرادي في المجال التنموي من خلال الحد من تدخل الدولة مقابل فتح المجال أمام انتشار المنطق السلعي وتدعيم القطاع الخاص.

وأضاف أن الصندوق هو رأس حربة في الدفاع عن النظام النيولبيرالي وبالتالي فإن كل الإصلاحات المقترحة مبنية على منظومة فكرية اقتصادية متكاملة لا تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات الواقع المعاش وتغير سلوكيات الفرد والدول.

وأشار البدوي إلى أن هذه المؤسسة المالية تعمل على تقزيم وتفكيك الدولة والتقليص من حجم تدخلها في السياسات المالية والاقتصادية من خلال الدفع نحو تقليص مؤشر النفقات واعتماد سياسات تقشفية أثبتت التجارب فشلها التام في معظم الدول التي انتهجتها، منتقدا في هذا الإطار إصرار الصندوق على فصل السياسة النقدية عن السياسة المالية العمومية والذي تجسم في فصل استقلالية البنك المركزي الذي ساهم في تعطل الاستثمار وتفكيك المنظومة الاقتصادية والمالية وتحويلها إلى منظومة اقطاعية وفق رايه.

وتعود الدراسة التي أعدها عبد الجليل البدوي حوصلة على التجربة الطويلة لتونس مع صندوق النقد الدولي والتي بدأت منذ سنة 1985 لتتواصل مع الاتفاقات الحاصلة خلال سنتي 2013 و2016 وتتواصل مع اتفاق جديد يقع التفاوض بشأنه حاليا.

و تعرض المحور الثاني من الدراسة إلى محتوى ميزانية الدولة لسنة 2022 الذي يؤكد على استمرار هيمنة "اللوبيات والمافيات والكناطرية" التي تمكنت من الدفع نحو مزيد اللجوء إلى التداين العمومي خاصة الخراجي وتفادي اعتماد إجراءات استثنائية لتعبئة موارد عمومية ذاتية.

ويعدد المحور الثالث الأسباب الرئيسية التي تجعل الرأي العام التونسي متخوفا من اللجوء مجددا إلى صندوق النقد الدولي من خلال تحليل نقدي لأهم مقترحات الصندوق التي تقوم على فرضيات غير واقعية وافتقاد للبعد التنموي الاجتماعي في وضع الإصلاحات والشروط الضرورية.

ويبين عبد الجليل البدوي أن الدراسة قدمت حلولا واقعية لأبرز المشاكل التي يتعلل بها صندوق النقد واولها ارتفاع كتلة الأجور وإصلاح منظومة الدعم وملف المنشآت العمومية مبينا في خاتمة الندوة أن تونس ليست قادرة على انجاز إصلاحات ذات بعد تنموي واجتماعي إلا إذا ما تخلصت من العقد والأوهام بأن صندوق النقد الدولي هو الوحيد القادر على تخليص تونس من أزمتها.

امير البجاوي

تم النشر في 10/03/2022