تقلص احتياطي تونس من العملة الأجنبية بتسعة أيام وذلك في ظرف يوم واحد فقط بسبب سداد البلاد لقرض امريكي حل موعد خلاصه. ووفق معطيات من البنك المركزي التونسي فقد تراجعت أيام التوريد من 138 يوم في 22 جويلية الجاري الى 129 يوم توريد يوم 23 جويلية وبذاك تقلص الاحتياطي من العملة الأجنبية الى 20378.1 مليون دينار مقابل 21876.8 مليون دينار يوم 22 جويلية
ويعود هذا التراجع الهام في أيام التوريد الى قيام الجمهورية التونسية بسداد قرض امريكي بقيمة 500 مليون دولار حل موعد سداده وهو قرض كانت تحصلت عليه تونس في سنة 2014.
وكانت وزارة الاقتصاد والمالية ودعم الاستثمار قد اعلنت عن سداد تونس القرض الرقاعي كاملا وفي موعده لسنة 2014 بضمان أمريكي بمبلغ جملي قدره 506 مليون دولار أمريكي (500 م دولار بعنوان الأصل و6 م دولار بعنوان الفوائد). ولفتت الى ان تونس تحصلت على هذا القرض من السوق المالية العالمية في 24 جويلية 2014 اي خلال حكومة المهدي جمعة.
وذكرت الوزارة ايضا ان إصدار هذا القرض بالسوق المالية العالمية تم على إثر منح الإدارة الأمريكية ضمانها لتونس بمقتضى اتفاقية الضمان المبرمة بين تونس والولايات المتحدة الأمريكية بتاريخ 3 جوان 2014 وذلك باعتماد نسبة فائدة ب 2.452 في المئة وآجال السداد دفعة واحدة بعد 7 سنوات.
ولئن حرصت تونس على الإيفاء بتعهداتها المالية الدولية بتسديد ديونها الخارجية في موعدها فإنها تحرص على بعث برسالة طمانة الى المانحين الدوليين بانها قادرة على خلاص ديونها وانها منذ تاريخ استقلالها لم تتخلف تونس عن سداد الديون الخارجية.
ومن شان تراجع احتياطي تونس من النقد الأجنبي ان يضاعف من مشاكل تونس الاقتصادية والمالية خاصة في ظرف سياسي حساس جدا تمر به البلاد إثر القرارات الأخيرة التي اتخذها رئيس الجمهورية قيس سعيد يوم 25 جويلية 2021 بتجميد اعمال البرلمان لمدة 30 يوما وانهاء مهام رئيس الحكومة ورفع الحصانة عن كل نواب البرلمان.
وتشهد البلاد صعوبات اقتصادية ومالية تجعلها بحاجة الى المحافظة على مستوى جيد من احتياطي النقد الأجنبي لا سيما في ظل تعطل اهم رافعات الاقتصاد التونسي ولا سيما السياحة التي تراجعت عائداتها بشكل لافت للعام الثاني على التوالي بسبب تداعيات جائحة فيروس كورونا وغياب كلي للسياح في بلد يعرف تعثرا في عملية التلقيح.
وتعاني تونس لعدة سنوات من أحد اهم موارد النقد الأجنبي وهو انتاج الفسفاط الذي كان قبل سنة 2011 يوفر عائدات مالية كبيرة جعلت البلاد في غنى عن اللجوء الى الاقتراض الخارجي الامر الذي انقلب راسا على عقب في السنوات الأخيرة اذ عرف هذا القطاع توقفا كليا جعل تونس تفقد جل حرفائها الخارجيين.
وفي سياق متصل أثر الوضع السياسي على استقطاب تونس لاستثمارات خارجية مباشرة هامة من شانها ان تضخ أموالا هامة تعزز بها رصيدها من النقد الأجنبي الا ان هذه المسالة لم تتطور بدليل الهبوط الحاد لمستوى الاستثمارات الخارجية في تونس خلال الربع الأول من الحالي في حدود 31 بالمائة وان هذا المنحى مرشح للنزول اكثر في النصف الأول من هذا العام.
وعن تداعيات التراجع في احتياطي النقد الأجنبي لتونس ان البلاد وصلت الى منعرج خطير وحصول شبه شلل في اهم مؤشرات الاقتصاد.
ويستدل في ذلك الطريقة التي سددت بها تونس يوم 23 جويلية 2021 القرض الامريكي بقيمة 500 مليون دولار (بنسبة فائدة ب 2.5 في المئة) والذي حل موعد سداده من خلال قيام وزارة المالية بالاقتراض من البنوك التونسية نفس مبلغ القرض الامريكي ولكن بنسبة فائدة ارفع في حدود 6.5 في المئة سيقع خلاصه في شهر أكتوبر المقبل.
ومن غير المستبعد ان تتعقد الوضعية أكثر في علاقة بمواصلة نزول الاحتياطي من العملة الاجنبية لما يحل موعد سداد قرض من السوق المالية الدولية وبضمان امريكي في شهر اوت 2021 بقيمة 500 مليون دولار ما يجعل هامش تحرك البلاد صغير جدا.
مهدي الزغلامي
تم النشر في 28/07/2021