version française ilboursa

أنيس الجزيري : تونس لا تزال لها مكانتها الخاصة في ليبيا ومناخ الاستثمار في البلاد أضحى مقلقا

تم صباح يوم الجمعة 17 سبتمبر 2021 فتح البوابات الحدودية بكل من راس جدير والذهيبة لتنتهي بذلك أزمة حادة تواصلت لأكثر من شهرين بعد اغلاق الحدود بين البلدين وهو ما أحدث لغاطا في العلاقات الثنائية بين تونس وليبيا. ومع فتح البوابات الحدودية أعلن رئيس مجلس الأعمال التونسي الافريقي أنيس الجزيري أن وفدا من المجلس سينتقل قريبا نحو طرابلس في مسعى لإعادة العلاقات الثنائية إلى مكانها الطبيعي وتنشيط الديناميكية الاقتصادية بين البلدين.

في هذا الإطار كان لـ"البورصة عربي" حوار مع انيس الجزيري رئيس مجلس الأعمال التونسي الافريقي الذي عاد على دور المجلس في تطوير العلاقة بين تونس وليبيا أهمية هذه الزيارة ودورها في امتصاص تداعيات غلق الحدود بين البلدين.

كما تطرق الحوار إلى الوضع الاقتصادي بعد 25 جويلية والأولويات الضرورية للخروج من الأزمة الاقتصادية فضلا عن مسائل أخرى مثل منع رجال الأعمال من السفر.

رغم انتعاش العلاقات الثنائية بين البلدين كان لإغلاق الحدود الاثر السلبي وعرفت العلاقة برودا استغلته أطراف خارجية لفائدتها ؟

للأسف الشديد هذه الديناميكية توقفت بعد اغلاق الحدود بين البلدين منذ منتصف شهر جويلية بعد تدخلات أطراف خارجية وتأثيرات الوضع الصحي أيضا وصارت مشاكل وتوترت العلاقات الثنائية بسبب هذا الاغلاق واندلعت فتنة أشعلتها تدخلات بعض الأطراف الخارجية التي استغلت أطرافا داخلية لتأجيج المشاكل بين البلدين لأنها سياسيا غير متفقة مع رئيس الجمهورية.

أي تأثير لغلق الحدود بين البلدين على الاقتصاد التونسي ؟

 اغلاق الحدود بين البلدين تسبب في تداعيات اقتصادية هامة خاصة وأن الاغلاق تواصل لحوالي شهرين كاملين من 15 جويلية إلى 15 سبتمبر وأذكر في هذا الخصوص أن عدد من رجال الأعمال الذين شاركوا في معرض طرابلس والذين تحصلوا على عقود وطلبات وقاموا بتجهيز البضائع والمنتجات التي سيتم تحويلها نحو ليبيا لتغلق الحدود إثر ذلك ما تسبب في خسائر كبيرة تكبدها رجال الأعمال والمؤسسات والشركات التونسية خاصة في جهة صفاقس والجنوب والشريط الحدودي مع ليبيا. ومن الجدير التذكير هنا بأهمية التبادل التجاري على الحدود بين البلدين وما له من تأثيرات اقتصادية وخاصة اجتماعية على الأهالي الذين يقطنون على الحدود

أعلنتم أن وفدا من مجلس الأعمال التونسي الليبي سيقوم قريبا بزيارة إلى طرابلس بعد فتح الحدود، ماهي اهداف الزيارة ؟

كمجتمع مدني عملنا رفقة أطراف اخرى على ارجاع الديناميكية الاقتصادية بين البلدين وسعينا لتهدئة الأمور وكانت لنا اتصالات متكررة بوزارة الخارجية وسفارتنا في ليبيا والنتيجة كانتا النجاح في إعادة فتح الحدود بداية يوم الجمعة 17 سبتمبر 2021.

سنتنقل في خلال هذا الاسبوع أو الأسبوع القادم نحو طرابلس لمقابلة شركائنا وأصدقائنا ورجال الأعمال والغرف التجارية ومنظمات الأعراف وبعض المسؤولين لتخفيض الاحتقان وتفسير الوضعية ومحاولة ارجاع الديناميكية التي تم خلقها في الأشهر الأولى من سنة 2021 لكي تعود المبادلات التجارية إلى نسقها العادي.

هناك عمل كبير ينتظرنا لإعادة الثقة بين الفاعلين الاقتصاديين التونسيين والليبيين لأن العلاقات بين البلدين تاريخية إلا أنه قد تشهد توترات في بعض الاحيان مع تدخل بعض الأطراف الداخلية والخارجية

الهدف من الزيارة إعادة أواصل الصداقة والأخوة مع الشقيقة ليبيا واعادة النسق التجاري والاقتصادي بين البلدين وخاصة إعادة إحياء الديناميكية الاقتصادية والتجارية مع ليبيا.

صرح بعض المتابعين للشأن الليبي أن تونس لم تحصل على عقود اعادة اعمار ضخمة كما هو الشأن مع تركيا ومصر وبلدان أوروبية ما هي الحقيقة من هذه المسالة ؟

وجب التوضيح بان المسائل مجرد إشاعات تروج لها أطراف داخلية تعمل بالوكالة لفائدة بلدان خارجية وتسعى لتوتير العلاقات بين تونس وليبيا عبر ترويج أن تونس لم تحصل على نصيب مهم من عقود إعادة الاعمار، وما يتم ترويجه مثلا حول حصول تركيا على مشاريع بقيمة 22 مليار دولار ومصر على مشاريع بقيمة 33 مليار دولار كلها أخبار مجانبة للصواب وهي ارقام خيالية لا يمكن تصديقها، فحتى ميزانية الحكومة الليبية لم تتم المصادقة عليها إلى اليوم وهي محور دراسة في البرلمان الليبي وهو ما يعني أنه من المستحيل ان يتم اسناد صفقات بهذا الحجم.

أعتبر أن مكانة تونس في ليبيا موجودة وأذكّر في هذا الإطار بأنه عقب معرض طرابلس الدولي أعلنت الوكالة العقارية الصناعية أنها تحصلت على عدة مشاريع ضخمة تهم من أبرزها مشروع ضخم لتهيئة عدة مناطق صناعية في طرابلس ويتم العمل على استكمال الدراسات لهذا المشروع الهام وهناك مشاريع كبيرة على مستوى الاسكان والبعث العقاري حيث تحصلت وزارة التجهيز على مئات المشاريع السكنية.

هل هناك تقدم ومتابعة للمشاريع التي تم الاعلان عنها عقب معرض طرابلس الدولي ؟

هناك متابعة فعلية لجملة المشاريع والوعود واذكر بأن وزير التجهيز وبعد المشاركة في المعرض الدولي في طرابلس عاد للمشاركة في معرض آخر في آخر جوان للتأكيد على جملة الوعود والامضاء على مشاريع جديدة.

يبدو أنك لم تعد متفائلا بالوضع الاقتصادي في تونس وتعتبر ان هناك اهمال للجانب الاقتصادي وحياد عن الأولويات ؟

في البداية استبشرنا خيرا بعد القرارات الاستثنائية واعتبرنا أن ما حدث يوم 25 جويلية سيمثل صدمة ايجابية تنهي الاحتقان السياسي والصراع بين الأحزاب وتعيد الحياة لمؤسسات الدولة التي كانت في حالة ارتخاء حيث أن الحكومة كانت مشلولة بالكامل بحكم عدم وجود وزراء فضلا عن تردي المشهد السياسي بحكم المناكفات والصراعات التي وصلت لحد العنف المادي داخل البرلمان، واعتقدنا أنه بعد 25 جويلية سيتم احداث صدمة ايجابية تنهي المشاكل وتجد حلول

للأسف اليوم بعد أكثر من 50 يوم لم نلمس تطورا ايجابيا مع غياب خارطة طريق واضحة المعالم وبرنامج اقتصادي ممنهج وخاصة عدم وجود حكومة لتسيير الاوضاع المتردية وقد طالبنا رئيس الجمهورية بأن يتم الاسراع بتنصيب حكومة في أقرب الآجال تتولى معالجة الأوضاع المتردية، فاليوم هناك وزارات وإدارات مهملة وتسيب واضح في مؤسسات الدولة إضافة إلى غياب التنسيق جمود كامل للإدارة التونسية، وهو أمر نلمسه بحكم علاقتنا اليومية كرجال أعمال وباعثين ومستثمرين مع الادارة التونسية.

هناك اهمية قصوى للجانب السياسي والقانوني وتغيير النظام ولكن هذا مشروع يتطلب أشهرا من النقاش والحوار المجتمعي، إلا أن الأولوية العاجلة اليوم هي أولوية اقتصادية اجتماعية لذا فإن أولى اولويات بلادنا هي إنعاش الاقتصاد الوطني والمضي في الاصلاحات اللازمة عبر وضع حكومة واعطاء برنامج ورؤية وتفسير الوضعية المالية الراهنة.

كل المؤشرات الاقتصادية اليوم في اللون الأحمر اذ ان مؤسساتنا تعاني الأمرين، وماليتنا العمومية مفلسة تتطلب تمويلا بـ 19 مليار دينار لإتمام السنة لا نعرف من أين ستأتي، مؤسساتنا العمومية تغرق يوم بعد يوم، الاستثمار متوقف، التضخم شهد ارتفاعا كبيرا ومدخراتنا من العملة الصعبة في تقلص ملحوظ، ومنظومة البنوك تتخوف من السقوط بعد رفضها لأول مرة تمويل الدولة في مناسبتين، مع إمكانية إعادة تخفيض الرقم السيادي التونسي من طرف وكالات الترقيم العالمية

أدعو المسؤوليين إلى أن يتم اعلامنا بأهم التوجهات في قانون المالية التكميلي وقانون المالية لسنة 2022 لمعرفة بوصلة قيادة البلاد في هذه المرحلة الحساسة.

كنتم قد دعوتم إلى ضرورة رفع منع السفر عن رجال الأعمال ماهي الحلول التي تقترحونها في هذا الخصوص ؟

يعتبر تشجيع الاستثمار ورفع التصدير أحد أهم مهامنا في مجلس الأعمال التونسي الافريقي وباعتبار أن أغلب منظورينا يسافرون كثيرا لعقد تفاهمات واتفاقات وجلب استثمارات لفائدة بلادنا فقد وصلتنا عديد التشكيات من تعطيلات كبيرة تطالهم في المطار.

راسلنا رسميا رئاسة الجمهورية بمكتوب تطرقنا فيه إلى التعطيلات التي تطال رجال الاعمال ووكلاء المؤسسات الذين لديهم التزامات وعقود للإمضاء ومواد أولية يجب اقتنائها من الخارج ومقابلات مع مسؤولين وفاعلين اقتصاديين وهو ما يمثل مشكلة كبيرة يجب انهائها، نحن نتفهم الوضع الاستثنائي على اساس وقت محدود كنا نعتقد أنه سينتهي في أواخر شهر أوت وانتهاء العطل السنوية لتعود الأمور إلى نصابها مع بداية شهر سبتمبر للأسف لا زال الوضع على نفس الشاكلة ويتم تعطيل رجال أعمال ووكلاء الشركات، ليصبح رجل الاعمال متهم إلى أن تثبت براءته وهذا غير معقول

وقد قدم المجلس مقترحا ينهي هذا الجدل عبر وضع قائمة واضحة برجال الاعمال الذين لديهم قضايا فساد واضحة وموثقة واعلامهم مباشرة بأنهم ممنوعون من السفر إلى ان يقع البت في ملفاتهم قضائيا ويمكن للبقية السفر دون تعطيلات في المطارات أو الموانئ.

منع رجال الأعمال يؤثر على ثقة المستثمرين والفاعلين الاقتصاديين في مناخ الاستثمار في تونس كما أنه من المهم بمكان الخروج من منطق شيطنة رجال الأعمال ووضعهم في نفس السلة واعتبار كل رجال الأعمال فاسدون وسراق من شأنه أن يساهم في ضرب القطاع الوحيد الذي ما زال ينعش الاقتصاد التونسي الا وهو القطاع الخاص.

نحن مع الضرب بيد من حديد على أيدي الفاسدين ومقاومة الفساد وندعو في هذا الخصوص إلى مقاومة الاقتصاد الموازي والتهريب وضرب عصابات التهريب وهو ما من شأنه أن يدعم الاقتصاد المنظم والمهيكل وينقي مناخ الأعمال، ونحن نقف مع وضع مقاربة اقتصادية وأمنية وقضائية للقضاء على الفساد والتهريب الذي ينخر الاقتصاد الوطني ويضرب كل اركان الدولة.

حاوره حسام الطريقي

تم النشر في 20/09/2021